استجابة لاحتواء تفشي إنفلونزا الطيور المستمر الذي تسبب في خسائر كبيرة في أعداد الدواجن في جميع أنحاء العالم، قطع العلماء خطوات كبيرة في تطوير دجاج معدل وراثيًّا (جينيًّا) يمكنه مكافحة الوباء.
ويبشر هذا التقدم ليس فقط بحماية أعداد الدواجن ولكن أيضًا بمعالجة التأثيرات المترتبة على الأمن الغذائي، والصحة العامة، والاقتصادات الزراعية.
وقد كشفت الدراسات، بحسب تقرير نشره موقع The Cool Down، أن العلماء نجحوا في تفريخ دجاج مقاوم لإنفلونزا الطيور، وذلك بالاستفادة من تقنية تحرير الجينات CRISPR.
تحرير الجينوم
ومن خلال إدخال بديلين من الأحماض الأمينية في الدجاج، تمكن الباحثون من تعديل البروتين الذي يستضيف الفيروس.
وأظهرت النتائج الأولية أن تسعة من كل عشرة دجاجات معدلة جينيًّا بقيت خالية من العدوى؛ مما يشير إلى وجود استراتيجية فعالة محتملة ضد خطر إنفلونزا الطيور.
وبفضل التقدم في تكنولوجيا تحرير الجينوم، يمكن الآن إدخال نسخ مختلفة من نفس الجين، تمنح المقاومة والمرونة في مجموعات الدجاج؛ مما يوفر وسيلة واعدة لمكافحة مسببات الأمراض السائدة مثل إنفلونزا الطيور.
وفي حين كان التعديل الوراثي في الزراعة موضوعاً للنقاش لفترة طويلة، مع المخاوف بشأن السلامة والآثار الأخلاقية، يزعم المؤيدون أن مثل هذا التقدم يمكن أن يعزز الأمن الغذائي والاستدامة.
وقد أثبتت الكائنات المعدلة وراثيا قدرتها على تقليل الاعتماد على المبيدات الحشرية الكيميائية، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الضغوطات البيئية المتنوعة.
وتتجلى الحاجة الملحة إلى إيجاد حلول مبتكرة في الزراعة من خلال التحديات المتداخلة المتمثلة في تغير المناخ، ومسببات الأمراض الناشئة، والاضطرابات التي تعاني منها النظم الغذائية العالمية.
تحرير جينات الدجاج
كما سلطت الدراسة الضوء على العلاقة بين الانتشار غير المسبوق لإنفلونزا الطيور والتغيرات المناخية المتزايدة، مع التأكيد على الحاجة إلى استراتيجيات تكيفية لحماية إنتاج الغذاء.
إن الخسائر الشخصية الناجمة عن تفشي إنفلونزا الطيور واضحة، كما يتضح من الروايات المباشرة لمزارعي الدواجن الذين يعانون من خسائر فادحة، والمتمثلة في إعدام الدجاج المصاب لمنع انتشار الفيروس، مما يعكس التأثير العميق على سبل العيش والمجتمعات.
وعلى الرغم من التقدم المحرز في مجال تحرير جينات الدجاج، يؤكد الباحثون الحاجة إلى مزيد من الدراسات لتحسين التعديلات الجينية وترجمة النتائج المختبرية إلى حلول عملية.
وتؤكد البروفيسورة ويندي باركلي من إمبريال كوليدج لندن على الجهود البحثية الجارية، معترفة بأنه على الرغم من أن المزيج المثالي من التعديلات الجينية لا يزال بعيد المنال، فإن الأفكار المكتسبة من هذه المساعي تساهم في فهم أعمق لديناميات فيروس الإنفلونزا واستراتيجيات التخفيف من آثار المرض.
وبينما يواجه المجتمع العالمي التحديات المتعددة الأوجه المتمثلة في الاستدامة الزراعية والصحة العامة، فإن تطوير الدجاج المعدل جينيا يمثل خطوة واعدة نحو التخفيف من آثار الأمراض المعدية على أسراب الدواجن وحماية الأمن الغذائي في عالم تتزايد فيه الاوبئة.