مع اقتراب عيد الفطر، يحزم آلاف المصريين أمتعتهم استعدادا لقضاء عطلة العيد في أحد المنتجعات السياحية بمصر، رغم ارتفاع أسعار حجوزات الفنادق الذي واكب قرار تحرير سعر صرف الجنيه.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة لأعداد السياحة الداخلية في مصر، إلا أن مصر استقبلت نحو 14.9 مليون سائح خلال العام الماضي بزيادة سنوية أكثر من 27%، مسجلة أعلى مستوى في تاريخ السياحة المصرية، وفقا لبيانات الحكومة المصرية .
ولا يحظى هذا النوع من السياحة بالاهتمام نفسه الذي توليه الحكومة للسياحة الوافدة التي تعد أحد المصادر الرئيسة للعملات الأجنبية في البلاد، وفق وكالة أنباء العالم العربي.
ويقلل إقبال المصريين على المنتج السياحي الداخلي من الطلب على العملات الأجنبية التي يصرفونها على السفر للخارج والتي بلغت نحو 3.213 مليار دولار خلال العام المالي 2019 ـ 2020 تحت بنود السياحة والعلاج في الخارج والتعليم في الخارج، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وبلغت إيرادات السياحة خلال العام المالي الماضي (2022-2023) نحو 13.6 مليار دولار بزيادة 26.8% عن العام المالي الذي سبقه.
وتسعى الحكومة إلى تعزيز إيراداتها من السياحة حيث أطلقت مصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة، التي تتضمن إتاحة الوصول للمقصد السياحي المصري بصورة كبرى ومضاعفة عدد مقاعد الطيران القادمة لمصر بالتعاون مع وزارة الطيران المدني، وتحسين مناخ الاستثمار السياحي في مصر، وزيادة عدد الغرف الفندقية الموجودة بها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى العمل على تحسين التجربة السياحية في مصر، ورفع جودة الخدمات السياحية المقدمة بها.
زيادة أعداد الغرف الفندقية
وتقدر أعداد الغرف الفندقية في مصر بنحو 220 ألف غرفة خلال عام 2023، وتسعى الحكومة لزيادتها لاستيعاب 30 مليون سائح بحلول عام 2028.
وأكد عاطف عجلان عضو غرفة شركات السياحة أن هناك زيادة في حجوزات المصريين في المنتجعات السياحية ولا سيما منتجعات البحر الأحمر، رغم ارتفاع الأسعار الذي تبع تحرير سعر صرف الجنيه.
واتخذت الحكومة حزمة قرارات اقتصادية، سعيا منها للخروج من أزمة شح العملات الأجنبية التي عانت منها البلاد على مدى سنوات منها تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ورفع الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس.
واعتمد البنك المركزي في السادس من مارس/أذار الماضي، سعر صرف مرن للجنيه المصري لتنخفض قيمته لتتراوح ما بين 50 و46 جنيها للدولار بعد أن تم تثبيته عند 30.9 جنيه للدولار في البنوك لمدة 12 شهرا.
وقال عجلان لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "خفض قيمة الجنيه تسبب في ارتفاع كلفة الخدمات داخل الفنادق وهو ما أثر في أسعار الحجوزات بالمنتجعات السياحية بالنسبة للمصريين".
وأضاف "رغم ذلك، أسعار السياحة في مصر سواء داخلية أو خارجية تظل الأقل بالنسبة لدول أخرى".
وقال عجلان إن السياحة الداخلية في مصر موسمية وهي مرتبطة بالمواسم والأعياد وتأتي في إطار الاستهلاك المحلي، لكنها ليست مصدرا للعملات الأجنبية.
وأشار إلى أن السياحة الداخلية تجذب قطاعا من المصريين الراغبين في السفر للخارج بغرض السياحة ما يوفر العملات الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد المصري كما أنها تساهم في دعم السياحة خلال أوقات الأزمات.
وأوضح أن الأسعار تختلف على حسب كل موسم كما أنها تختلف خلال الموسم الواحد.
خلق فرص العمل
وقال عضو غرفة شركات السياحة إن أسعار الحجوزات في الفنادق ارتفعت بنسبة تتراوح ما بين 20 و25%، مشيرا إلى أن قطاع السياحة هو الوحيد الذي لم ترتفع أسعاره بنسب كبيرة.
وأضاف أن "قرار تحرير سعر الصرف تأثيره محدود في السياحة الداخلية لكن المنتج السياحي في مصر ما يزال الأقل سعرا عالميا".
وتمثل إيرادات السياحة في الظروف الطبيعية نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 15% من إيرادات مصر من العملات الأجنبية، وتعد ثالث أكبر مصدر للدخل الأجنبي للبلاد بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
ويسهم قطاع السياحة بمصر في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويقدر عدد العاملين فيه بنحو 3 ملايين، وهو ما يمثل نحو 10% من إجمالي قوة العمل، بحسب دراسة لمعهد التخطيط القومي في مايو/أيار 2020.
وأوضح محمد عيد الخبير السياحي أن قرار خفض قيمة الجنيه ترك تأثيرا محدودا في السياحة الداخلية رغم ارتفاع أسعار الحجوزات في المنتجعات السياحية والفنادق.
وقال عيد لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن الزيادة في أسعار الحجوزات تعود إلى ارتفاع أسعار المواد الخام والأغذية التي تستخدمها الفنادق كذلك ارتفاع كلفة تشغيل البواخر النيلية في الأقصر وأسوان التي تعمل بالسولار.
وأضاف "أصحاب المنشآت السياحية يحملون النزلاء الكلفة الزائدة التي تصل إلى نحو 20% وهي نسبة غير مؤثرة في حركة السياحة الداخلية".
وأضاف أن نسبة الحجوزات على سبيل المثال في فنادق مدينة الغردقة خلال موسم العيد تراوحت ما بين 80 و85% غالبيتهم من السياحة الداخلية.
وعادة ما يقضي المصريون عطلات الأعياد في المنتجعات السياحية على البحر الأحمر في حين يفضلون الذهاب إلى المنتجعات السياحية على البحر المتوسط خلال عطلات فصل الصيف.
وفي السياق ذاته، قال أحمد الطاهر مدير أحد الفنادق في شرم الشيخ لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن نسبة الإشغال في فنادق ومنتجعات شرم الشيخ تجاوزت 85% خلال موسم عيد الفطر.
وأضاف أن فنادق ومنتجعات شرم الشيخ تأثرت مع بداية الحرب في قطاع غزة لكنها بدأت في التعافي أخيرا.
وتابع "هناك ارتفاع بسبب خفض قيمة الجنيه لكن تأثيره معدوم في السياحة الوافدة ومحدود للغاية على حجوزات المصريين خلال موسم الأعياد".