يجد اليمنيون القاطنون في المحافظات الواقعة ضمن نطاق سيطرة الحكومة الشرعية- المعترف بها دولياً- صعوبة كبيرة في تحويل الأموال عبر شركات الصرافة لذويهم وأقربائهم، في الأماكن التابعة لسيطرة ميليشيا الحوثي؛ بسبب ارتفاع قيمة تسعيرة العمولة المفروضة نظير خدمة التحويل.
وترتفع قيمة العمولة التي تطلبها شركات الصرافة من عملائها إلى ما يقارب ضعف قيمة المبلغ المراد تحويله، فإذا ما أراد مواطن ما تحويل (10 آلاف ريال)، فيجب عليه أن يدفع مقابلها (20 ألفاً) قيمةَ عمولة للتحويل؛ إذ يحتاج 30 ألفاً لإيصال وتحويل (10) آلاف ريال فقط.
منع تداول الأوراق المالية الجديدة
الحاج عبدالقادر منور (68 عاماً) يصف فرض مكاتب الصرافة ضعف قيمة المبلغ المُحوّل كعمولة خدمة بـ"الجريمة والكارثة"، مُحمّلاً الحكومة والجهات ذات الصلة وميليشيا الحوثي مسؤولية مضاعفة الأعباء على المواطنين الذين عصفت بهم الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة.
ويمتلك منور، وفق حديثه لـ"إرم نيوز"، أقرباء له وهم أبناء أشقائه يتوزعون بسبب ظروفهم الحياتية بين كلِ من محافظتي صنعاء والحديدة (شمالاً)، ويضطر بسبب أموال مشتركة بينهم للتحويل لهم بشكل مستمر؛ ما فاقم معاناتهم جميعًا.
وتتكرر المعاناة مع الشاب إبراهيم سليمان، الذي يعتمد على الدخل اليومي في تدبير مصاريفه ومصاريف أسرته، كونه يعمل في تنظيف السيارات بشوارع عدن، وتتواجد زوجته وأولاده في مدينة زبيد جنوب غرب محافظة الحديدة، ويحتاج لتحويل الأموال شهرياً لهم لإعالتهم.
وتعود الأزمة المالية في اليمن أدراجها إلى الأعوام الأخيرة من العقد الزمني السابق، بعد أن قامت الحكومة اليمنية بطباعة أوراق مالية بمواصفات وقياسات جديدة، قابلتها ميليشيا الحوثي، أواخر العام 2019، بمنع تداول الأوراق المالية الجديدة في مناطق نفوذها.
كما فرضت ميليشيا الحوثي سعراً موحداً لسعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في مناطقها، في الوقت الذي يتراوح سعر صرف العملات الأخرى أمام الريال في مناطق الحكومة، كل تلك المعطيات أوجدت اتساعاً شاسعاً في قيمة العملات المتداولة في كلا الجانبين، وأفرزت واقعاً مختلفاً، وانقساماً مالياً جعل البلد وكأنه بعملتين مختلفتين.
ويقول الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري، إن "الفارق في سعر صرف العملة المحلية بين عدن وصنعاء فارق وهمي، صنعته ميليشيا الحوثي لتأخذ هذا الفارق، وتستفيد منه من دون أي وجه حق".
وبخصوص ارتفاع قيمة عمولة التحويل، يشير الداعري، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أنه يأتي "نتيجة نجاح الميليشيا الحوثية في منع تداول العملة ذات الطبعة الحديثة للبنك المركزي اليمني، ورفض التعامل بها في مناطق سيطرتها".
ويتابع: "لتفرض قيمة صرف، غير قانونية ولا مشروعة ولا منطقية ولا أخلاقية، على كل من يريد أن يقوم بالتحويل من المناطق المحررة إلى صنعاء وفي المحافظات الأخرى القابعة تحت سطوتها".
واعتبر الداعري ذلك "إجراماً لم يسبق أن حصل في كل التعاملات النقدية في العالم، والضحية الوحيدة هو المواطن".
انهيار الوضع الاقتصادي
في مواسم كشهر رمضان وقبيل العيدين، تكثر التحويلات المالية بين المحافظات المختلفة، بحسب حلمي سعيد الذي يعمل صرّافاً في إحدى شركات الصرافة، وبسببه تشهد محال الصرافة اكتظاظاً وازدحاماً لا مثيل لهما عن بقية أيام السنة.
وقال سعيد، لـ"إرم نيوز": "صحيح أن اكتظاظ العملاء في محال الصرافة في شهر رمضان لا يقتصر على تصدير الحوالات من قبلهم، بل يتنوع بين استلامهم أيضاً للحوالات، وكذلك استلام موظفي الدوائر الحكومية مرتباتهم التي تنزل شهرياً عبر عدد من شركات الصرافة".
وإذا ما أراد مواطن في المحافظات الخاضعة للحوثي تحويل مبلغ مالي إلى أحد المتواجدين في المحافظات المحررة، تجبره شركات الصرافة هناك على تحويله أولاً إلى الريال السعودي؛ إذ تمنع سلطة الحوثي شركات الصرافة التحويل بعملة الريال اليمني إلى المحافظات الخارجة عن سيطرتها، كما أفاد بذلك خالد الصولان الموظف في شركة صرافة أخرى لـ"إرم نيوز".
ويعتمد الكثير من اليمنيين على الحوالات المالية التي تصلهم من الخارج أو الداخل، سواءً من أقربائهم أو أصدقائهم، كمدخول مادي، في ظل انهيار الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة، وانعدام أو ندرة فرص العمل.